[نشر هذا المقال للمرة الأولى باللغة الإنجليزية في مجلة "مدل إيست ريبورت"، وترجمه إلى العربية وائل سواح.]
أثناء إحدى زياراتي الدورية إلى سورية، كنت مع مجموعة من الأصدقاء في مطعم من تلك المطاعم الصاخبة التي بدأت تغزو بكثافة المدينة القديمة المحيطة بحي باب توما في دمشق. ليست هذه المطاعم سواء، فبعضها كان أكثر ازدحاماً، وغالباً ما يتردد عليه الأجانب وطبقة معينة من المجتمع الدمشقي تضم افراداً مؤيدين للنظام، وآخرين معارضين له. وتجدر الإشارة إلى أنه في أواسط العقد الماضي لم يكن رأي المرء في النظام بحد ذاته مهماً، فما كان يجمع هؤلاء الدمشقيين معاً هو الفائدة المشتركة التي يجنونها من سياسات الإصلاح الاقتصادية التي بدأها بشار الأسد وما أنتجته هذه السياسات من توزيع طبقي جديد. وكان لافتاً للانتباه أن انتقاد النظام داخل هذه الحلقات لم يعد أمراً محرماً، ما دام يتم بطريقة مقبولة و"معقولة"، من دون ذكر أسماء أو حديث عن الطوائف أو أي شيء يوحي بالرغبة في "تغيير النظام". ولكن، من ناحية أخرى، ما الذي يمكن أن يجعل هؤلاء الناس يفكرون بالإطاحة بالنظام؟
في تلك الليلة، تم تقديمي من قبل أحد الأصدقاء إلى مناف طلاس، باعتباري "باحثاً سورياً" يعمل على قضايا "الاقتصاد السوري". وفي ذلك الوقت كان مناف أحد الرجال الأقوياء داخل النظام، يعمل جنباً إلى جنب مع ماهر الأسد (الشقيق الأصغر للرئيس) في قيادة وحدات النخبة العسكرية في الحرس الجمهوري. وكان جلّ ما رأيته لحظتئذ الدخان المنبعث من السيجار الذي كان يلتصق، كما لو كان نتيجة عملية جراحية، بأصابعه أو في فمه. سألني مناف بضعة أسئلة، فأجبت بتهذيب، فقد كنت أعرف من هو، وبدا لي غريباً أنه قد رفع الكلفة ببساطة.
وهذا ما كان.
بيد أنني، وفي زيارة تالية لدمشق، وفي واحدة من حفلات عيد الميلاد في أحد تلك المطاعم إياها، رأيت مناف مرة أخرى. وفي هذه المرة، طلب مناف من شخص ثالث أن يدعوني إلى طاولته. في العادة لم يكن هذا أمراً حسناً. ولكنني لبيت الطلب، فأخذني مناف جانباً، وسألني أسئلة إضافية عن السياسة الإقليمية في البداية ومن ثمّ عن سورية. ووجدت نفسي أناقش قضايا مثل التنمية في الحقبة ما بعد الاستعمارية مع مناف وسيجاره، على خلفية موسيقى تسجيل جديد لأغنية " Music Sounds Better with You" (صوت الموسيقى أفضل وأنت معي) لفرقة ستاردست (Stardust). وقد استغرق حديثنا بضع دقائق قبل أن أستأذن منه. بعدها، وعندما كان مناف يودع الذين كانوا يتعشون معه، اقترب من طاولتي، وطلب مني أن أزروه في مكتبه في حي المزة. ولم يطلب مني رقم هاتفي الجوال ولكنه أعطاني رقم مكتبه لتأكيد الزيارة.
وشعرت أنني في موقف حرج. فلقد كانت أبحاثي عن الاقتصاد السوري قد قادتني إلى بحث شبكة العلاقات المتينة ما بين الدولة وقطاع الأعمال، وقد تعمقت في العلاقات ما بين المسؤولين الرسميين ورجال الأعمال.
على أن مناف طلاس لم يكن رجل أعمال، فقد فضل اقتفاء أثر والده، مصطفى طلاس، وزير الدفاع الأسبق، الذي كان أحد الثقات الذين ائتمنهم حافظ الأسد لعقود. ولكن أخاه فراس كان كذلك. والحال أن كثرة من أبناء المسؤولين السوريين قد فضلوا الذهاب إلى قطاع الأعمال، ومع نهاية الثمانينيات كانوا قد أصبحوا بالفعل رجال أعمال كباراً، غالباً بمساعدة أشخاص بارعين من داخل النظام مثل مناف.
يقال إن فراس طلاس لم يستفد كثيراً من علاقاته كما فعل غيره ممن هم في مكانه، ولكن مما لاشك فيه أن صانعي السياسية والمستفيدين من السياسة في سورية كانوا يرتبطون بعضهم ببعض بشكل وثيق. وثمة مثال آخر، هو مثال رجل الدولة نفسه الذي كان يعمل كرجل أعمال بصفته مواطناً عادياً، مما خلق ما أسميه "انصهاراً" ما بين القطاع العام والقطاع الخاص.
لقد أمضيت عشر سنوات وأنا أحاول دراسة تطور الرأسمالية في سورية وكيف أنها دعمت الاستبداد والمكائد الاجتماعية التي قامت على خدمتها. ولكن لم يكن يعنيني أن أفضح هذا التفصيل أو ذاك، من مثل قضية الانصهار تلك، لأنها لم تكن حكراً على سورية، كما أن النظام السوري لم يكن بحاجة إلى مزيد من التعرية. كما أنني تجنبت عن سابق تصميم الحديث إلى مسؤولي الحكومة والنظام أثناء بحثي. فمن جانب كانت الفائدة من مثل هذه المقابلات دائماً ضئيلة للغاية، ومن جانب آخر كان ذلك يمكن أن يثير الشبهات حول البحث الذي يقوم به الباحث، وفي هذا مجازفة غير ضرورية. لقد كان آخر بحث منهجي حول الاقتصاد السوري من قبل أكاديمي غربي، قد قام به فولكر بيرتيس (Volker Perthes) قبل عقد من الزمان، وهو كتاب مرجعي بعنوان"الاقتصاد السياسي في سورية في عهد الأسد" عام 1995. ولكن ذلك لم يكن نزهة بالنسبة لفولكر، كما أنه لم يكن كذلك بالنسبة لي أيضاً. ورغم أن الوصول إلى فراس طلاس لم يكن صعباً، آثرت ألا أفعل، واعتمدت بدلاً من ذلك على مقابلة كان أجراها معه جوزيف سماحة، أحد أفضل الصحفيين في زماننا، لجريدة “الحياة” في عام 1999. والآن، ها هو شقيق فراس، الذي يقف على الضفة الأخرى من ثنائية عالم الأعمال في سورية، يريدني أن أتكلم معه. ووجدتني في حيرة من أمري: فلم يكن سهلاً القبول، كما لم يكن سهلاً الرفض.
على أن مناف بدا صريحاً للغاية وأكثر اهتماماً بالحوار منه بمراقبة ما يقول محاوره. ومع ذلك، بقيت متردداً إلى أن نصحني بعض الأصدقاء ألا أدع الفرصة تفوتني.
وكان مناف في ذلك الوقت نجماً صاعداً وقريباً جداً من عائلة الأسد. وكان رجال النظام الأقوياء يختالون تيهاً بعد عدة سنوات أخذتهم لتوطيد حكمهم بعد تولي بشار سدة الرئاسة. وكان الوقت قد حان لكي تبدأ سورية من جديد تحت قيادة أكثر تأملاً ولكن أقل حنكة من سابقتها. وكانت الفكرة العامة تدعو لـ"العصرنة" أكثر مما تدعو لـ"لاصلاح"، ولـ"الاستمرارية" أكثر من التغير. وباختصار، كان ثمة جو من الانفتاح، ولكنه انفتاح حذر.
[مناف طلاس مع بشار الأسد في صورة نادرة من سنوات التسعينيات. المصدر غير معروف]
دخلت إلى مكتب مناف، حيث طلب مني بلباقة أن أجلس، فجلست، ولكني رفضت بأدب عرضاً بأن أدخن السيجار. وبعد جولة أخذ ورد حول أصولي العائلية (لأن والدتي سورية)، طلب مني مناف أن أتحدث معه بصراحه عن أفكاري عن النظام السوري، بدون تلعثم أو رقابة ذاتية. لقد كان ذلك سوريالياً.
ولم يكن الخوف قد بارحني، ولكنني مع ذلك تحدثت من دون مواربة، لأن ذلك كان الشيء الوحيد الذي كان بإمكاني فعله، من جانب، ولأن مناف – وأقول ذلك بصدق الآن – كان يصغي بدون أن يوحي بتخويف ولم يكن يشبه الصورة النمطية عن المحققين. ومع مراعاتي أن أحافظ على الاحترام الضروري، بدأت بالحديث عن محدودية النظام الاستبدادي في الزمان وفي المكان، وعن محدودية الدور الإقليمي لسورية، في غياب صيغ أكثر شمولاً في المشاركة في السلطة داخل البلاد. وعندما سألني مناف عن الفساد، حرصت على أن أعيد بالحرف الواحد تقريباً كلمات أستاذ الاقتصاد الماركسي المستقل في جامعة دمشق، عارف دليلة، الذي كان قد اعتقل في 2001 بسبب آرائه المضادة للنظام، من ضمن حملة الاعتقالات التي تلت "ربيع دمشق". لقد كان عارف دليلة واحداً من أكثر الناس شجاعة، وقد كان لي معلماً ومن ثم صديقاً. وفي عامي 1998 – 1999، في عهد الأسد الأب، عندما كان البعوض يرتجف من مجرد التفكير في أن يقف على أنف أحد رموز أفراد النظام، كان عارف يدخل إلى قاعة المنتدى الاقتصادي الذي كان يعقد كل ثلاثاء. وكان يأخذ الكلام فيشرِّح خطاب النظام فيما يتعلق بأسباب انحدار الاقتصاد السوري بعد منتصف التسعينات. وكان يخاطب غرفة محشوة بالمخبرين (بل أسوأ من ذلك)، قائلا – وأنا أنقل من ملاحظاتي التي كنت أدوِّنها:
"ليس الفساد قضية أخلاقية في العمق، وهو لا يبدأ في اللحظة التي يطلب منك عنصر شرطة أو مسؤول في الحدود رشوة. إنه ممارسة متكاملة لها قاعدة اجتماعية واقتصادية وسياسية، يُقصَد منها أن تدعم استمرار الصيغة السياسة الكاملة للبلاد. ولذلك لا ينبغي علينا أن نلوم عنصر الشرطة المسكين الذي لا يستطيع الاعتماد على راتبه، ولكننا يجب أن نطالب، بدلاً من ذلك، بمحسابة المسؤولين على أعلى مستوى في هذا النظام."
يا للفكرة المخيفة! لقد كان مرعباً حتى مجرد أن تكون شاهداً على هذه الكلمات وهي تخرج من الفم. كان الصمت يخيم على القاعة، كأن على رؤوس القوم الطير، وإن كانوا يشعرون بالصخب في داخلهم، لأن عارف بكلامه كان يشفي غليل مستمعيه بأكثر الطرق غرائزية. وما إن ينتهى عارف من كلامه، حتى يغادر نصف الحضور القاعة، وقد استعموا إلى ما كانوا يريدون. وكان هذا أحد الأسباب التي حدت بأمين عام المنتدى، فاروق التمام، أن يرجو عارف أن يؤجل مداخلاته حتى النهاية، لأنه كان يعرف أن الجميع يريد أن ينتظر ليسمع كلامه. لم يكن عارف مجرد عالم اقتصاد سياسي أو ناقد للنظام. لقد كان صاحب رؤية وخبرة في السياسة الدولية؛ وكان يتميز غيظاً عندما يناقش كيف أضاعت الأنظمة العربية – بما فيها النظام السوري – فلسطين.
لقد أصغى مناف إلي دون أن يقاطعني، ودون أن يفارق السيجار أصابعه. وعندما انتهيت طفق يجيبني على مدى عشرين دقيقة، وهو يتحداني برفق في جدوى إصلاح حقيقي في سورية، ويدلي بآرائه في الديمقراطية وفي الولايات المتحدة والسياسة الإقليمية. وكان بدوره صريحاً ومباشراً. ولكن أفكاره كانت على أية حال غير كاملة، أو أنها كانت تتكامل في عقل معتاد على ممارسة القوة المبالغ فيها.
فحول قضية الإصلاح، أكد مناف أهمية التدرج في الإصلاح، الذي كان تعويذة مفضلة لدى حافظ الأسد، بما يناسب برنامج المُصلِح وليس بما يناسب من يفترض أنهم المستفيدون من الإصلاح. ولكنه أيضاً لم يتحرج من أن يؤكد الحاجة إلى الهيمنة من الأعلى إلى الأدنى، التي كانت بالنسبة إليه تعلو على قضية الصواب والخطأ، أو قضية الديمقراطية والاستبداد. إن النظام هو الذي عليه أن يقود عملية الإصلاح، معتمداً على فكرة كليانية، وهي تلك التي تأخذ بالاعتبار المتغيرات المحلية والإقليمية. وهنا تدخلت لأقول إن هذا الأسلوب طبيعي بالنسبة لنظام مثل النظام السوري لا يريد إصلاحاً حقيقياً. ولم يصحِّح لي ما قلت، ولكنه أعاد التأكيد على ضرورة الهيمنة.
قبل ذلك كنت قد قلت له إنه، حتى بالنسبة لمنطق النظام السوري، كان من الممكن دائماً أن ينفتح النظام أكثر، بحيث يأخذ بعض المجازفات المحسوبة العواقب من أجل تخفيف الضغط المستمر، لكي يتم بشكل أفضل استخدام الموارد السورية سواء أكانت موارد بشرية أم مادية، بدلاً من أن نترك مجموعة ما فتئت تتقلص باستمرا هي التي تقرر مصائر السوريين. وبدا وكأنه يعتقد أنني أحاول أن أكون مثالياً، وأن الحكم السياسي يحتاج إلى تقديرات مختلفة، ثم غاص في تأملات نمطية حول ما إذا كانت سورية جاهزة من أجل الديمقراطية. ولقد شعرت بالصدمة وأنا أسمع مجادلات ثقافية أمضينا، نحن المدرسين، سنوات في محاولة كشف زيفها في المدارس الأمريكية (أو غيرها).
كان مناف يتحدث من عل. فقد تحدث عن الولايات المتحدة وكأنها قوة مساوية لبلاده، وكان بشكل خاص مهتماً بالتأكيد على التوازن في القوى الذي تستطيع سورية أن تعتمد عليه. وكان يتأرجح ما بين الحذر الشديد من الغرب والانفتاح على بعض أشكال العلاقة معه. وبعد فترة من الزمن بدوت وكأنني أمسكت به (وبمن يناصره؟) بينما كان يفكر بصوت مسموع. بالتأكيد كان النظام قد تخلى عن أي فكرة تتعلق بالاشتراكية، أو حتى بالعدالة الاجتماعية. ولم يكن مناف يبالغ في حساسيته تجاه هذه المواضيع. فلقد كان أصدقاؤه وأقرباؤه من آل الأسد وآل مخلوف وآخرين من جيله قد رموا وراء ظهرهم نضالات آبائهم في ستينات القرن الفائت. لقد غدا الانقسام العام واسعاً جداً، يفصل بشكل كلي ما بين رؤيتين للحياة، رؤية أولئك الذين كانوا يرون في أنسهم مستضعفين رفعوا راية الفقراء ضد الطرف الآخر، ورؤية نقيضة لأولئك الذين ولدوا في عالم الوفرة والامتيازات والسلطة.
ولا أقصد القول هنا أن جماعة مناف لم تكن "قومية" أو معادية لإسرائيل. ولكنني أقصد أنهم لم يتعبوا ويضحوا في سبيل هذه الأفكار، ولذلك مالوا في طبعهم تجاه هذه القضايا إلى اللين. ومع ذلك، بدا لي مناف وكأنه يتسعد للإبحار في رحلة لاكتشاف الذات، وكأنه بدا يعتقد أنه ربما كان أكبر من النظام. وينبغي القول إن طريقته في القفز من فكرة إلى أخرى لم تكن تساعده على تقديم رؤية متكاملة؛ ولذلك كان من الصعب أن يحدد المرء مركزَ الثقل لديه. وكان يتحدث وكأن الرفاهية والوفرة قد حولت الضرورات السياسية إلى خيارات منهجية يمكن تبادلها بطريقة مدرسية. وبكلمة أخرى، لقد بدا وكأنه يتحدث عن إدارة بيت لا إدارة بلد.
لقد باتت الخصخصة في الدولة السورية حقيقة سواء في قطاعات الإنتاج أو إعادة الإنتاج. وكان لا بد من أن يحدث شيء ما، وقد باعد النظام ما بينه وبين الأغلبية من السوريين، ما بين من يملكون ومن لا يملكون، ما بين المدينة والريف، ما بين الصناعة والتجارة. وإذا كان الحال أن معظم السوريين محرومون، بينما قلة تبتلع كل الرأسمال المتاح، فإن ذلك إنما يؤشر على بداية النهاية.
أجل، لقد كان السوريون جاهزين للديمقراطية عندما تحدثت إلى مناف، بل قبل ذلك بكثير. ولكن للأسف لم يكن التدخل الخارجي ما كان يحاذر منه رجال النظام السوري الأقوياء. فقد كان يعملون لمنع أي خسارة صغيرة في السلطة أو الثروة. لقد أسكرهم ترف الوفرة، وأعماهم عن الاهتمام حتى بمصالحهم على المدى البعيد.
ولم تمض أكثر من بضع سنوات، حتى راحت العناصر الشريرة تحوم حول سورية، مطالبة بـ "ديمقراطية" تكون طيِّعة وغير مقاومة على الصعيد الإقليمي، ديمقراطية تذعن في استخدام الإيذاء الذي تعرض له السوريون في إدامة الأذى الذي يتعرض له الآخرون في المنطقة. ولكن ألم يكن من الممكن أن تجري الأمور بشكل مختلف؟ بلى. وكانت الجهة المؤهلة لأن تأتي بنتيجة مختلفة هي الجهة التي كانت تملك زمام السلطة. ولكن تلك الجهة فشلت في تفادي الكارثة السورية الراهنة، وتسببت في تحطيم نفسها وكل شيء آخر – وذلك كله لأنها رفضت التخلي عن النزر اليسير من امتيازاتها. ولو أن النظام وافق على مشاركة الآخرين ولو في القليل من السلطة، لكان تجنب إصدار بطاقة دعوة لأولئك الذين ينتظرون تدمير ما كان يمكن لسورية أن تمثله في المنطقة، مثلما فعلوا في العراق. والآن يجد أصدقاء سورية الحقيقيون أنفسهم في وضع مستحيل: فإذا ما وقفنا مع محنة السوريين الواقعين تحت وطأة الدكتاتورية نُعتنا بالإمبرياليين؛ وإن نحن حذَّرنا من الدعم غير النقدي للانتفاضة للأسباب التي أوضحناها أعلاه، وُصِمنا بأننا نحابي النظام. مهما نقل إذن فنحن مخطئون.
شكرني مناف على زيارتي، وغادرت مكتبه بعد نحو خمسين دقيقة على دخوله.
[مناف طلاس يعلن معارضته للنظام في الـ 24.07.2011. لقطة مأخوذة من بث تلفزيون العربية]
وفي 24 تموز، بعد نحو إثني عشر يوماً من مغادرته سورية، أعلن مناف طلاس للمرة الأولى معارضته للنظام الذي كان يُعتبر أحد رموزه. تحدث وكأن تجاوزات النظام قد بدأت في آذار 2011. وسارعت المعارضة الخارجية إلى الترحيب به بكرم. وكذلك فعل السعوديون، الذين استقبلوا مناف في مملكتهم لأداء مناسك العمرة. وها أنا أختتم بمقتطف من أغنية للويس آرمسترونغ يقول: "يا له من عالم رائع!"